يسير بنا الشاعر ياسر خنجر على طريقٍ وعرٍ، لا ينتصف ولا ينتصف فيه شيء، حيث تواجهنا منذ القصائد الأولى تلك التفاصيل التي تئنّ تحت وطأة واقع مرير، كما لو أنّها تنفلت من قبضة حديديّة محكمة، لتصرخ في وجه العالم، ويمنحها الشاعر صوته وإيقاع كلماته التي تمضي كنهر هادئ لا يتوقّف في السير نحو مصائره الشعريّة المتعدّدة.
تكتب الشاعرة أسماء عزايزة، انطلاقًا من معرفة شعريّة وحميمة بقصائدها، مزيج من الصور المكثّفة والمشاهد البصريّة، والاعترافات الخاصّة، والحكايات القديمة، والذكريات والأصدقاء والآباء والأنبياء والمدن المنكوبة وتلك المستحيلة، بين حلم جريء وواقع عنيد، لا تغادرنا الدهشة ونحن نمضي من قصيدة إلى أخرى ونحاول فعلًا أن نصدّق أسماء وهي تضيف أنّ “الطريق إلى الفرح تمرّ حتمًا بجهنّم”.
بحسِّه السّاخر يفتحُ الشاعر حقيبته في وجهِ العالم، غير مبالٍ بأحد، حتّى بنفسه التي يُعرّيها من كلِّ شيء إلا من صدقها في اللحظة الراهنة وسط الخراب. في هذه الحلقة المفرغة بين الوطن الحقيقي، والوطن المحتلّ، بين حياةٍ نعيشها على مضض، وأخرى نَنغمِسُ فيها بلا رجعة.
“الخيال العلميّ النقديّ، في أبسط مستوياته، هو فرصة لتجريب طرق جديدة للوجود في العالم، كتصوّر هيكليّات اقتصاديّة، وسياسيّة، واجتماعيّة مغايرة. هناك مساحة في صفحات الخيال العلميّ لاختبار المشاريع الطَموحة دون خوف من الفشل. أعتقد أنّ قراءة وكتابة الخيال العلميّ، بكلّ إمكاناتها الخياليّة والمُدَمِّرة، هي أمر ذو قيمة لأيّ شخص يعيش في ظلّ ظروفٍ يرغب في تغييرها. “إعادة قولبة العالم” هو الاسم الذي يطلق على الجهود المتضافرة لإعادة تصوّر الأماكن والمساحات التي نعيش فيها، وذلك من خلال ابتكار تعدّد لأزمنة المستقبل التي تؤثّر على الحاضر بشكلٍ إيجابيٍّ. تأخذ إعادة العالم مفهوم بناء العالم إلى ما هو أبعد من أي غرض بيّن كفنّ أو ترفيه، وتنشر جوانب منه كأداة جذريّة للحثّ على التغيير في العالم.
ادخل بريدك الالكتروني لتصلك منشوراتنا
جميع الحقوق محفوظة لدار ليلى 2022