الترجمة العربيّة لكتاب “The Body Keeps the Score”، وهو الكتاب المركزيّ والأكثر أهمية اليوم في فهم واحدة من أصعب وأهم الظواهر في عصرنا: اضطراب ما بعد الصدمة. يُعدّ المؤلف، الطبيب النفسيّ بيسيل فان دِر كولك، أحد أفضل الباحثين في هذا المجال في العالم. وباعتباره رائدًا في هذا المجال، فهو يراجع تاريخ أبحاث ما بعد الصدمة وعلاجها خلال الأربعين عامًا الماضية، ويقدم نهجًا ثوريًا ومبتكرًا للعلاج الذي يتمحور حول الجسد.
يستعرض الكتاب تاريخ تطور هذا المجال، ويجمع بين دراسات الحالة البشريّة الرائعة والمثيرة والدراسات، السريرية الجادّة والمتعمقة. وهو يشرح بوضوح عمل الدماغ، وطريقة تسجيل الصدمة في الدماغ وتأثيرها على الجسم، ومزايا وعيوب الأساليب العلاجيّة المختلفة. يصف الكتاب العشرات من الدراسات المفيدة ويرافق العمل السريريّ للمؤلف كخبير أسّس وأدار مراكز مهمة لعلاج ضحايا الصدمات.
يتعامل فان دِر كولك مع ضحايا الصدمات المفاجئة والتعسفية – مثل ضحايا الصدمات القتالية والناجين من الحوادث وضحايا الاعتداء والاغتصاب – ومع ضحايا ما يعرف بـ “الصدمات المعقّدة” – ضحايا الأذى المستمر، خاصة في مرحلة الطفولة: الاعتداء العاطفيّ والجسديّ والجنسيّ، فضلا عن الإهمال الشديد.
يقدّم الكتاب، الذي يأتي من قلب المؤسسة الطبية، نهجًا ثوريًا لعلاج الصدمات: ليس [فقط] الأدوية النفسية، وليس [فقط] العلاج بالكلام (العلاج النفسيّ التقليديّ)، ولكن أيضًا من خلال دمج مجموعة من الطرق التي يتم التعامل معها على أنّها علاجات “بديلة”: تقنيّة EMDR، واليوغا، التأمّل والمايندفولنس، والارتجاع العصبي، والرياضة، والدراما وغيرها.
كتاب “الجسد لا ينسى: دور الدماغ والعقل والجسد في التعافي من الصدمات النفسية” يُثري سلّة أدوات المعالجين العرب في المجال النفسيّ، ويوسْع الخيارات المتاحة أمام ضحايا الصدمات، ويشكّل مصدرًا مهمًا للباحثين والطلاب. والأهمّ أنّ هذا الكتاب يخاطب عامة الناس؛ فلغته منسابة وسهلة، كما أنّ القصص الإنسانيّة التي يتضمنها، والمعرفة الطبيّة والبحثيّة الغنية التي يقدّمها، تجعل منه كتابًا رائعًا وممتعًا للقراءة.